اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن السلطات اللبنانية والقبرصية تتعاون لعرقلة وصول اللاجئين إلى أوروبا، ثم ترحيلهم إلى سوريا. في تقرير أصدرته اليوم الأربعاء، أشارت المنظمة إلى أن اللاجئين السوريين في لبنان يسعون بشكل يائس للوصول إلى أوروبا، ولكن الجيش اللبناني يعترضهم ويعيدهم إلى سوريا. في الوقت نفسه، تقوم خفر السواحل القبرصي والجهات الأمنية القبرصية بإعادة السوريين الذين يصلون إلى قبرص إلى لبنان، دون النظر لوضعهم كلاجئين أو المخاطر التي قد يتعرضون لها عند عودتهم إلى سوريا، حيث يطرد الجيش اللبناني الكثير منهم إلى سوريا فور وصولهم.
وبحسب نادية هاردمان، الباحثة في مجال حقوق اللاجئين والمهاجرين في "هيومن رايتس ووتش"، فإن منع اللاجئين السوريين من طلب الحماية في بلد آخر، ثم إعادتهم قسراً إلى سوريا، يشكل انتهاكاً للحظر الأساسي على إعادة اللاجئين، في الوقت الذي يساهم فيه الاتحاد الأوروبي في تمويل هذه الإجراءات. كما تنتهك قبرص هذا الحظر من خلال دفع اللاجئين إلى لبنان، حيث قد يتعرضون لإعادة قسرية إلى سوريا.
المنظمة أشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه قدموا تمويلاً قدره 16.7 مليون يورو بين عامي 2020 و2023 لمشاريع إدارة الحدود في لبنان، ويشمل ذلك دعم القوات المسلحة اللبنانية والقوى الأمنية بالمعدات والتدريب لمكافحة التهريب. وفي مايو 2024، خصصت حزمة أوسع بقيمة مليار يورو للبنان حتى 2027.
كما أكدت المنظمة أن السلطات القبرصية طردت مئات من طالبي اللجوء السوريين بشكل جماعي دون السماح لهم بالوصول إلى إجراءات اللجوء، وأجبرتهم على العودة إلى لبنان. هذا النوع من الإبعاد الجماعي محظور بموجب "الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان"، ويمثل انتهاكاً للحظر على الإعادة القسرية غير المباشرة.
في وقت سابق، دعت منظمة العفو الدولية السلطات القبرصية لحماية اللاجئين والمهاجرين من الهجمات العنصرية واتخاذ إجراءات فورية لمعالجتها.
وكانت "المديرية العامة للأمن العام اللبناني" قد ذكرت أنها أعادت 821 سورياً على متن 15 قارباً حاولوا مغادرة لبنان بين 1 يناير 2022 و1 أغسطس 2024. وفي 19 أغسطس، أوقفت السلطات اللبنانية أكثر من 200 شخص، معظمهم من السوريين، أثناء محاولتهم السفر عبر البحر بطرق غير شرعية.
في مايو الفائت، أكدت منظمة الهجرة العالمية تزايد عدد اللاجئين السوريين الذين ينتقلون من لبنان إلى قبرص عبر طرق غير شرعية، حيث نقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن المديرة العامة للمنظمة إيمي بوب، قولها: "غادر أكثر من 3000 سوري لبنان منذ يناير، مقارنة بـ4500 خلال العام الماضي، مع توجه العديد منهم إلى قبرص التي تبعد حوالي 180 كيلومتراً".
جدير بالذكر أن لبنان يستضيف أكبر عدد من اللاجئين نسبة إلى عدد السكان في العالم، بما في ذلك 1.5 مليون لاجئ سوري، في ظل الأزمات المتعددة التي يعاني منها، والتي تدفع العديد من السوريين إلى محاولة مغادرة البلاد إلى أوروبا، وفقاً لـ "هيومن رايتس ووتش".