كتاب "سوريا: دليل لدولة غير موجودة" هو تقرير صحفي يروي رحلات المؤلف بافل شريجينسكي التي استمرت على مدار عشر سنوات من حياته. زار سوريا لأول مرة في عام 1999 وعاد إليها عدة مرات.
يُعد هذا الكتاب تحقيقًا فريدًا لأنه يوثق الاضمحلال والاختفاء الحتمي لأماكن غنية ثقافيًا وحضاريًا مثل أفاميا وحلب، والتي دُمرت تمامًا بعد اندلاع الصراع في سوريا عام 2011.
الصراع الذي لا يمكن اختصاره بكلمة "حرب"، حيث تسبب هذا الجحيم في تدمير مدن ومواقع أثرية في لمح البصر.
الكتاب يعكس ما تبقى من سوريا: شعبها، من مختلف الطوائف والتقاليد، والقصص المؤثرة عنهم.
هؤلاء الذين في القرن الواحد والعشرين، وفي عالم مليء بالثروة، أصبحوا فقراء بين ليلة وضحاها دون أي ذنب منهم.
إنه أيضًا توثيق لبلدهم، لمعابدهم وأسواقهم وشوارعهم وأزقتهم التي لم تعد موجودة، ولم يبق منها سوى الذكريات.
يُقرأ الكتاب وكأنه رواية تراجيدية تحكي قصة دمار حضارة عريقة مثل حضارة الإنكا، ولكن هذه المرة، الدمار يحدث هنا والآن أمام أعيننا.
بافل شريجينسكي يعتبر سوريا أهم مكان في حياته؛ فقد كانت مركزًا للأحداث الحضارية الهامة وموطنًا لكنوز الماضي وأقلية متنوعة من الناس.
كان كل ذلك ينهار بسرعة وكأن شرارة واحدة كانت كافية لتدمير كل شيء.
لقد فقد منزله السوري، الذي كان بمثابة ملجأ له، أمام عينيه كبيت من ورق.
في هذا الكتاب، يدعو المؤلف القراء إلى رحلة لأماكن لم تعد موجودة، وإلى لقاء أشخاص لن يلتقوا بهم مرة أخرى في سوريا.
عندما كتب مذكراته عن سوريا، شعر وكأنه مؤرخ لدمار عالم فريد، كان جماله يكمن في تنوعه، لكن هذا الجمال لم يصمد أمام الكراهية والتمييز المستمرين منذ قرون.
بالنسبة لبافل شريجينسكي، سوريا لن تعود كما كانت أبدًا. لكن، على الرغم من ذلك، فإن ذكريات سوريا ستبقى محفورة في ذاكرته إلى الأبد.
كانت سوريا ملجأً له، هرب إليها من مشاق الحياة اليومية، لكنها الآن قد فُقدت إلى الأبد.
يختتم المؤلف بالحديث عن كيف أصبحت سوريا الآن مرتبطة بمكان آخر، حيث يعيش أصدقاؤه الذين فروا من البلاد، متفرقين في أنحاء العالم.
عن المؤلف
بافل شريجينسكي، المولود في عام 1978، حاصل على دكتوراه في العلوم الإنسانية، ومؤرخ، وصحفي، وعالم سياسي.
يشتهر بعمله في قضايا أفريقيا والشرق الأوسط والبيئة، وهو مؤلف للعديد من المنشورات حول أفريقيا.
كما يشارك بشكل منتظم في الكتابة لمجلة "Nowa Konfederacja" ومحرر لموقع Africa.org، بالإضافة إلى نشره في "Więź" و"Gazeta Wyborcza" وOKO.PRESS.
تابعوا آخر أخبار وكالة السوري الإخبارية عبر Google News