لا يمكن التفكير بعودة الصناعيين السوريين من الخارج إلا إذا كانت الأوضاع داخل البلاد مشجعة وملائمة، بحيث يشعر الصناعيون المحليون بالراحة ويعملون في بيئة صحية تدعم الإنتاج والاستثمار. لكن هل يعكس الواقع الحالي هذا الوضع؟
يؤكد الصناعي عصام تيزيني أن استعادة النشاط الاقتصادي في سوريا يتطلب تغيير السياسات الاقتصادية الراهنة. يشير إلى ضرورة تخلي صانعي القرار عن النهج القاسي في التعامل مع المستثمرين والصناعيين، واستبداله بسياسات تدعم التعافي الاقتصادي من خلال توفير بيئة عمل مناسبة وآمنة. ويضيف أن الاقتصاد السوري يعاني من تدهور كبير، ويحتاج إلى جهود حقيقية من قبل الحكومة لوقف هذا التدهور عبر الاعتراف بفشل السياسات السابقة والتعاون مع الخبراء وأصحاب الرأي لإيجاد حلول فعالة.
توفير بيئة ملائمة للصناعة
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي أحمد شرم أن تعزيز القطاع الصناعي في سوريا يتطلب تحقيق مجموعة من الشروط الأساسية، من بينها استقرار سعر الصرف، توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار معقولة، وتأمين البنية التحتية اللازمة. إضافةً إلى ذلك، يشدد على أهمية دعم المصدرين بهدف زيادة الاحتياطات النقدية من العملة الأجنبية، مما يسهم في توفير فرص عمل جديدة، وزيادة القوة الشرائية للمواطنين، وبالتالي تحسين الأسعار في السوق المحلية وزيادة القدرة التنافسية للصناعة الوطنية في الأسواق الخارجية.
إصلاح النظام الضريبي
يؤكد شرم على ضرورة إعادة النظر في النظام الضريبي الحالي، الذي يعتمد بشكل كبير على الصناعيين والتجار الموجودين داخل البلاد. ويقترح بدلاً من ذلك دعم الصناعة من خلال تقديم تسهيلات تقلل من تكاليف الإنتاج، مما يمكن الصناعة الوطنية من العودة للمنافسة في الأسواق العالمية ويخفض الأسعار المحلية، مما يعزز الاستقرار الاقتصادي.
خطوات عملية نحو عودة الصناعيين
يرى الصناعي تيسير دركلت أن دعوات عودة الصناعيين السوريين المهاجرين ستظل غير فعالة ما لم تتوفر الظروف المناسبة لهم. ويشير إلى أن الصناعيين الذين أسسوا أعمالهم في الخارج قد استثمروا وقتاً وجهداً كبيرين في بناء علاماتهم التجارية ومنشآتهم، مما يجعل من الصعب إقناعهم بالعودة إلى سوريا في ظل الظروف الحالية. لكنه يقترح كخطوة أولى دعوة هؤلاء الصناعيين لفتح فروع لأعمالهم في سوريا، مع تقديم الدعم الحكومي اللازم لهم لبناء الثقة من جديد.
الاستثمار في الإمكانيات المتاحة
الصناعي ربيع شحود، الذي عاد إلى سوريا وافتتح مشروعه الخاص، يؤكد أن سوريا تمتلك إمكانيات اقتصادية هائلة، لكن المشكلة تكمن في عدم استغلال هذه الإمكانيات بشكل فعال. ويشير شحود إلى أن الصناعيين في سوريا يواجهون تحديات كبيرة مثل غياب التسهيلات الأساسية التي تتوفر في الدول الأخرى، ورغم ذلك يظل ملتزماً بالعمل في بلده رغم كل الصعوبات.
التحديات الملحة للصناعة
يشدد شحود على ضرورة حل المشكلات الأساسية التي تواجه الصناعيين، مثل نقص اليد العاملة، صعوبة استيراد المواد الأولية، ارتفاع تكاليف الكهرباء، وتعقيد الإجراءات البيروقراطية. كما يرى أن دعم الشباب من خلال توفير القروض والتسهيلات الضرورية لإنشاء مشاريعهم الخاصة، إلى جانب مكافحة الفساد، هي خطوات أساسية لتحسين البيئة الصناعية في البلاد.
تلك هي بعض الرؤى والتوصيات التي قدمها الصناعيون السوريون للمساهمة في عودة رؤوس الأموال المهاجرة والنهوض بالاقتصاد الوطني.