استغلت شركات ناشئة صغيرة حملات المقاطعة التي استهدفت بعض الشركات الكبرى على خلفية الحرب في غزة لملء الفراغ الناتج عن عزوف المستهلكين عن شراء منتجات شركات متعددة الجنسيات متهمة بدعم إسرائيل.
منذ أن بدأت إسرائيل حملتها الانتقامية ضد حماس في غزة بعد هجوم مسلحي الحركة في السابع من أكتوبر، تعرضت أكثر من 12 شركة عالمية كبيرة لمقاطعات، بما في ذلك شركات مثل كوكاكولا، وماكدونالدز، وستاربكس، والتي تم اتهامها بدعم إسرائيل.
ومن بين الشركات الناشئة التي استغلت هذه المقاطعات شركة "كولا غزة" التي دخلت السوق البريطانية هذا الشهر، وشركة "مشروبات فلسطين"، وهي علامة تجارية مقرها السويد تأسست في مارس وتبيع منتجاتها في الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، وجنوب أفريقيا، وفقًا لما ذكرته مجلة "تايم" الأميركية.
محمد كسواني، مدير الاتصالات في شركة صفد فود، الشركة الأم الفلسطينية المالكة لـ"مشروبات فلسطين"، أشار إلى أن الطلب على المنتج كان "مذهلًا". وقال كسواني: "لم نكن نتوقع أن تصبح هذه العلامة التجارية بهذا القدر من الشعبية"، مضيفًا أن العلامة التجارية باعت حوالي 16 مليون علبة في الأشهر الخمسة الماضية، وأن العائدات تذهب لدعم مشاريع المجتمع المدني الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة.
وأكد كسواني أن الهدف من هذه المبادرة لا يتعلق ببيع المنتج بحد ذاته، موضحًا: "نحن لا نبيع مشروبات، نحن نبيع العلامة التجارية فلسطين لجعل الناس يتحدثون أكثر عن الإبادة الجماعية التي تحدث".
ورغم أن حملات المقاطعة كانت دولية، إلا أنها كانت أكثر وضوحًا في الشارع العربي. ففي الأردن، على سبيل المثال، باتت فروع ماكدونالدز وستاربكس التي كانت مزدحمة بالزبائن سابقًا شبه فارغة. كما يمكن العثور على منتجات مثل كوكاكولا وبيبسي على رفوف المحال في الشرق الأوسط، لكنها غالبًا ما تُعرض بجانب لافتات تدعو إلى مقاطعتها.
كذلك، تجنبت العديد من المقاهي والمطاعم في المنطقة التعامل مع هذه العلامات التجارية، مفضلة بدائل محلية مثل "ماتريكس كولا" في الأردن و"كينزا" في السعودية، خوفًا من ردود الفعل الشعبية.
أشارت المجلة إلى أن حملات المقاطعة الدولية ضد إسرائيل ليست جديدة، فقد بدأت منذ عام 2005. كما أن ظهور علامات تجارية جديدة تستفيد من هذه المقاطعات ليس جديدًا، حيث ظهرت خلال "الانتفاضة الفلسطينية الثانية" علامات تجارية مثل "مكة كولا" و"قبلة كولا" كبدائل لكوكاكولا، كل منها سوقت نفسها كبديل أخلاقي يهدف إلى مخاطبة المسلمين الذين يشككون في دور الشركات متعددة الجنسيات.
في الفترات التي شهدت حروبًا بين إسرائيل والفلسطينيين بين عامي 2008 و2021، كانت هناك حملات مقاطعة مشابهة. لكن على عكس الحروب السابقة التي استمرت لأيام أو أسابيع، فإن الحرب الحالية دخلت شهرها الحادي عشر دون أن تلوح نهاية لها في الأفق.
ويرى المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ويل تودمان، أن "حملة المقاطعة الحالية تبدو مختلفة تمامًا لأن هذه الحرب أوسع وأكثر فظاعة من سابقاتها".
ورغم ذلك، تشير المجلة إلى أنه "لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت هذه المقاطعات ستؤثر على سلوك المستهلكين على المدى الطويل أم لا".
فالنسخ السابقة من حملات المقاطعة لم تؤدِ بالضرورة إلى تغييرات كبيرة في عادات المستهلكين كما كان يأمل الناشطون.
ومع ذلك، يثق كسواني بأن المقاطعات الحالية "لن تنتهي مثل سابقاتها، لأنها مختلفة وأكبر بكثير".