تزايدت مخاوف الصحفيين في تونس من حملة واسعة تستهدف الأصوات المنتقدة، حيث يعتبرون أن السلطات فرضت قوانين "سالبة للحرية" بحقهم. وفي المقابل، يرى آخرون أن الصحفيين ليسوا فوق القانون وأن العقاب يجب أن يشمل الجميع في حال ارتكابهم أخطاء ضد الدولة.
تمت محاكمة أكثر من 60 شخصاً خلال عام ونصف بموجب "المرسوم 54"، ولا يزال 40 منهم محتجزين، بينهم صحفيون ومحامون ومعارضون. ينص المرسوم على السجن لمدة خمس سنوات وغرامات مالية لكل من يُدان بنشر "شائعات أو معلومات مضللة"، وتتضاعف العقوبة في حال استهداف موظفين عموميين.
واجه المرسوم 54 انتقادات واسعة منذ صدوره من قبل العديد من الصحفيين التونسيين، الذين يجمعون على أنه يهدف إلى "إخافتهم ومنعهم من تناول مواضيع تزعج الدولة أو تنتقد سياستها". تم إحالة عدد من المعارضين والمواطنين إلى القضاء بموجب هذا المرسوم، إلا أن الاستهداف الأبرز كان للصحفيين بسبب انتقاداتهم للرئيس وإبداء آرائهم أثناء عملهم.
من بين الصحفيين الذين تم الحكم عليهم بموجب هذا المرسوم، مراد الزغيدي وبرهان بسيس، اللذين حُكم عليهما بالسجن ستة أشهر بتهمة نشر إشاعات وأخبار بقصد الإساءة إلى الغير، بالإضافة إلى ستة أشهر أخرى لاستغلال أنظمة المعلومات لنشر أخبار كاذبة.
يشير الصحفي صبري الزغيدي إلى أن "الهجمة على الإعلام تهدف إلى السيطرة على الإعلام وخاصة الإعلام العمومي"، وتهدف إلى "ضرب حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة لإخفاء الفشل في تسيير الشأن العام وخاصة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي". ويضيف أن الهدف من سجن الصحفيين هو "إرسال رسالة تهديد لبقية الصحفيين لعدم تناول القضايا الاجتماعية وفتح ملفات مثل ارتفاع الأسعار".
أفاد رئيس نقابة الصحفيين التونسيين، زياد الدبار، بأن هناك "استهدافًا للصحفيين وسجنهم بموجب قوانين زجرية"، مطالبًا بتعديل المرسوم 54 لأنه يستهدف الجرائم الإلكترونية ولكن يُطبق على جرائم الرأي. وقال إن هذا القانون "سيف مسلط على رقاب الصحفيين والمواطنين بهدف تخويفهم".
من جانبه، أكد رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، بسام الطريفي، ضرورة تعديل المرسوم لضمان حرية الرأي والتعبير وسرية المراسلات، معتبرًا أنه يشكل "انتكاسة للمكتسبات التي حققها الشعب التونسي منذ الثورة".
في بيان مشترك، أكدت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية أن السلطات التونسية صعّدت من قمعها للإعلام وحرية التعبير، داعية إلى الإفراج عن المحتجزين ووقف جميع الملاحقات المتعلقة بالتعبير المحمي بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
يرى أنصار الرئيس قيس سعيَّد أن "المرسوم 54" جاء لتصحيح مسار ثورة 2011، مؤكدين أن الحريات العامة مكفولة وأن المرسوم لا يستهدف قمع حرية الصحافة.
يتزامن تصاعد الجدل حول "المرسوم 54" والقضايا المتعلقة بالحريات العامة والاقتصاد في تونس مع استعداد البلاد لإجراء انتخابات رئاسية في أكتوبر المقبل.