لطالما كان الذهب رمزًا للثروة والاستقرار، إلا أنه يواجه تحديات متزايدة في ظل صعوبة العثور على رواسب جديدة. وفقًا لتقرير مجلس الذهب العالمي الذي نشرته شبكة (سي إن بي سي) الأميركية واطلعت عليه سكاي نيوز عربية، فإن صناعة تعدين الذهب تكافح للحفاظ على نمو الإنتاج، ما يثير تساؤلات جوهرية حول ما إذا كان المعدن الأصفر على وشك النضوب، وتأثير ذلك على المستثمرين والاقتصاد العالمي.
تراجع نمو إنتاج الذهب
أفاد المجلس أن إنتاج المناجم ارتفع بنسبة 0.5% فقط في عام 2023 مقارنة بالعام السابق، وفقًا لبيانات اتحاد التجارة الدولية. وذكر جون ريد، كبير استراتيجي الأسواق بمجلس الذهب العالمي، أن إنتاج المناجم استقر فعليًا في عامي 2016 و2018 ولم يشهد أي نمو منذ ذلك الحين. وأشار إلى أن صناعة التعدين تكافح للإبلاغ عن نمو مستدام في الإنتاج بعد عشر سنوات من النمو السريع منذ عام 2008.
صعوبة اكتشاف رواسب جديدة
أوضح التقرير أن اكتشاف رواسب الذهب الجديدة أصبح أكثر صعوبة في جميع أنحاء العالم، حيث تم استكشاف العديد من المناطق الواعدة بالفعل. وذكر أن استخراج الذهب يتطلب استثمارات كبيرة في رأس المال وعمليات استكشاف وتطوير قد تستغرق ما بين 10 إلى 20 عامًا قبل أن يصبح المنجم جاهزًا. وقد تم استخراج ما يقرب من 187 ألف طن متري من الذهب حتى الآن، معظمها يأتي من الصين وجنوب أفريقيا وأستراليا. وتقدر احتياطيات الذهب التي يمكن التنقيب عنها بنحو 57 ألف طن، وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
التحديات البيروقراطية واللوجستية
أشار ريد إلى أن الحصول على التصاريح الحكومية أصبح أكثر صعوبة ويتطلب المزيد من الوقت، مما يجعل عملية التعدين أكثر تعقيدًا. كما أن العديد من مشاريع التعدين تخطط في مناطق نائية تتطلب بنية تحتية مثل الطرق والطاقة والمياه، مما يزيد من تكاليف بناء هذه المناجم وعمليات التمويل.
تأثيرات اقتصادية وأسعار الذهب
تلتقط أسعار الذهب أنفاسها بعد ارتفاعها إلى مستويات قياسية مدعومة بالطلب القوي بقيادة الصين، حيث تم تداوله مؤخرًا عند 2296.17 دولار للأونصة. ووفقًا للدكتور نضال الشعار، الخبير الاقتصادي وكبير الاقتصاديين في شركة "ACY"، فإن استعمالات الذهب المتعددة واستقراره النسبي في الأسعار يجعله من أهم السلع الأولية القابلة للاستحواذ والتداول. ومع ذلك، يخضع الذهب كغيره من الأدوات الاستثمارية للتكهنات وتضارب التوقعات.
تأثير ندرة الاكتشافات على الاقتصاد العالمي
بحسب علي حمودي، الخبير الاقتصادي والرئيس التنفيذي ورئيس الاستثمار في "ATA Global Horizons"، فإن ندرة الاكتشافات الجديدة للذهب وزيادة تكلفة استخراجه قد تؤدي إلى ارتفاع أسعاره، مما يؤثر على تكلفة المنتجات التي تعتمد على الذهب مثل الإلكترونيات والمجوهرات. كما يمكن أن يشجع ارتفاع أسعار الذهب على الاستثمار في المعادن البديلة أو إعادة تدوير الذهب الموجود.
تأثير ندرة الذهب على المستثمرين
أشار حمودي إلى أن المستثمرين الذين يمتلكون الذهب قد يشهدون زيادة في قيمة أصولهم، وقد يدفعهم ارتفاع أسعار الذهب إلى تنويع محافظهم بشكل أكبر لتقليل المخاطر. كما يمكن أن يزيد نقص كميات الذهب من الاهتمام به كملاذ آمن في أوقات عدم الاستقرار الاقتصادي.
لا يعتقد الخبراء أن الذهب على وشك النضوب بالمعنى الحرفي، لكن التحديات في استخراجه بسهولة وبأسعار معقولة تزداد. وهذا قد يكون له آثار كبيرة على الاقتصاد العالمي وسلوك المستثمرين، مما يعزز أهمية الذهب كأصل استثماري ويؤكد دوره في الأسواق المالية العالمية.