في بداية عام 2023، يستعد السوريون لتوديع عام مليء بالتحديات الاقتصادية، حيث يعيشون آثار أزمات حادة تتمثل في ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وتدهور قيمة الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية. قدّم الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، الدكتور عابد فضلية، تحليلاً شاملاً لهذه الأزمة وأسباب تراجع حجم الاقتصاد السوري خلال العام المقبل.
وفي حديثه لـ"غلوبال"، أوضح الدكتور فضلية أن تقلص الاقتصاد السوري جاء نتيجة لعدة عوامل، بدءاً من انخفاض وقلة القطع الأجنبي وضعف المخزون، وصولاً إلى تأثيرات التضخم على القطاعات المختلفة. أشار أيضاً إلى ضعف التصدير نتيجة لضعف الإنتاج والقدرة التصديرية، وتراجع القدرة التنافسية الخارجية بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج.
وأوضح فضلية أن هذه الحالة تفاقمت مؤخراً نتيجة لتفاقم الأسباب الأساسية، منها ضعف الاستثمار الأجنبي وانخفاض حجم الحوالات والتحويلات العائلية وغير العائلية، مما أثر سلباً على الاقتصاد السوري وضيق السوق المحلية. وكان لهذه التأثيرات تداولها السلبي على حياة السوريين، حيث شهدت البلاد هجرة واسعة نحو الخارج نتيجة للظروف الصعبة، بما في ذلك الهروب من الأعمال الإرهابية وصعوبة توفير مصادر الدخل والاحتياجات المعيشية.
وبين الأمور المتفائلة، أشار فضلية إلى التوقعات المستقبلية للحالة الاقتصادية والمعيشية في سوريا. وجدد تفاؤله نظرياً بناءً على الحراك الحكومي والتشريعي الحالي، الذي بدأ يظهر بوضوح خلال السنة الماضية، مع التركيز على القوانين والمراسيم الرئاسية الإيجابية والجريئة التي تشير إلى رؤى تطويرية مستقبلية.
على صعيد الواقع العملي، يظل التحسن المستقبلي للاقتصاد السوري مرهونًا بتطورات الأحداث العسكرية والسياسية والاقتصادية على الساحة العالمية والإقليمية. ويرى فضلية أن تحقيق تحول إيجابي يعتمد أساسًا على إنهاء وتسوية الأزمة الداخلية السورية بشكل عادل، متناسب مع رؤية القيادة السياسية لتحديد مستقبل سوريا كدولة واقتصاد وشعب. يبرز أهمية تغيير بعض المواقف الدولية تجاه سوريا لتحقيق تحول إيجابي ومتوازن، ينعكس إيجاباً على الوضع الاقتصادي والمعيشي للسوريين.