أثارت أزمة انقطاع الكهرباء في مصر عدة أسئلة بشأن سبب الأزمة، بما في ذلك كيف يعاني البلد الذي يمتلك فائضًا من إنتاج الغاز الطبيعي المحلي من أزمة الكهرباء؟ ولقد حاولت الحكومة المصرية تبرير هذا الانقطاع بسبب تغيرات المناخ التي أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم، دون الكشف عن الأسباب الحقيقية للأزمة.
وفي الوقت نفسه، تساءل البعض عن سبب تراجع صادرات مصر من الغاز الطبيعي خلال الشهر الماضي إلى صفر، بعد أن كانت الحكومة تستهدف تحقيق عوائد دولارية تصل إلى 10 مليارات دولار من تصدير الغاز هذا العام.
ووفقًا لمصادر في وزارة البترول، فقد سبب تراجع إنتاج الكهرباء في مصر تراجع معدلات الغاز الطبيعي المستخدم في تشغيل المحطات الكهربائية منذ بداية العام، وذلك بسبب عدم احتساب وجود نقص في الكميات المستخرجة من بعض الحقول.
ومع ذلك، فإن الحكومة المصرية لم تحد من صادراتها من الغاز الطبيعي، وهو ما يعزز الشكوك بأن الحكومة تركز على التصدير لتحقيق عوائد دولارية على حساب احتياجات المواطنين المحلية. وقد اقترحت الوزارة وقف عمليات التصدير واستيراد بعض الكميات من المازوت للاستخدام في تشغيل المحطات الكهربائية عند الضرورة.
ويرجح أن هذه الأزمة تكشف عن ضرورة لتحسين إدارة الموارد الطاقوية في مصر وتحويل الاهتمام إلى الاحتياجات الداخلية للبلاد بدلاً من التركيز فقط على التصدير.
وفقًا لمصادر في وزارة البترول المصرية، يعاني البلد من نقص في توفير الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي، حيث تصل الإمدادات التي تصل لمحطات الكهرباء من الوزارة إلى 32 ألف ميغاواط فقط، في حين يبلغ الاستهلاك المحلي أكثر من 35 ألف ميغاواط، بالإضافة إلى التزامات خاصة بالتصدير إلى الأردن والسودان. ويتسبب هذا النقص في انقطاعات متكررة في الكهرباء في مصر، ما يتطلب استخدام المازوت للتعامل مع الأزمة.
من جانبه، يشير مسؤول سابق في شركة بترول مصرية إلى أن الحكومة لا تعاني من أزمة نقص في توفير الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي، وأن المشكلة تتمثل في كيفية توزيع الغاز المحلي بشكل يؤدي إلى توفيره بنسب متساوية لقطاعات مختلفة، مثل شركات الكهرباء ومصانع الأسمدة والبتروكيماويات وغيرها من الصناعات التي تستخدم الغاز الطبيعي.
وبالنظر إلى ذلك، تعتزم الحكومة زيادة حصة شركات الكهرباء من الغاز الطبيعي يوميًا على حساب المصانع والشركات الأخرى، وهو ما قد يؤدي إلى إحداث أزمات صناعية، ولكنها تستهدف أولاً التعامل مع حالة الغضب الداخلي جراء انقطاع الكهرباء في مصر. كما يشير المصدر إلى وجود خلافات عميقة بين وزارتي الكهرباء والبترول، وهو ما يساهم في تفاقم أزمة الكهرباء في البلاد.
قرار وقف التصدير كان الحل الأخير الذي اتخذته الحكومة المصرية، بعدما زادت نسبة المازوت المستخدمة في تشغيل محطات الكهرباء بنسبة 30% لتوفير الغاز الطبيعي وتصديره إلى الخارج. ورغم الاستيراد المكثف للمازوت بأسعار أعلى من الغاز الطبيعي، لم تحل الأزمة، حيث يعتمد إنتاج الكهرباء في مصر بشكل أساسي على الغاز الطبيعي، وتراجع إنتاج مصر من الغاز بنسبة 9% في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي.
وتتسبب أزمة الكهرباء في مصر في خسائر سياسية أكبر من الأثر الاقتصادي المباشر، حيث تتراجع كفاءة محطات الإسالة وجودة حقول الغاز، وتتأثر وضعية الدولة كمركز إقليمي للطاقة. وتخطط الحكومة المصرية لتسريع النشاطات القائمة على اكتشافات حقول الغاز وزيادة المزادات التنقيب، لتحسين وضعية الإنتاج المحلي وتوفير الغاز الطبيعي لشركات الكهرباء والتصدير للخارج.
متابعات عربي بوست