بدأت موجة من “الحمى النزفية” باجتياح عدة محافظات عراقية، حيث أعلنت السلطات الصحية تسجيل 40 حالة، ووفاة 8 منها حتى الآن، وسط تحذيرات من تفشّي المرض وخروج أعداد المصابين عن السيطرة، ما دفع كثيرين للقلق والتساؤل، حول ماهية هذا الوباء.. واحتماليّة وصوله إلى سوريا.
وحول هذا الموضوع، قال أستاذ كلية الطب البشري في جامعة حماة، الدكتور محمد يوسف حسن أن: “الحمى النزفية أو (Hemorrhagic fever)، مرض تسببه مجموعة من الفيروسات التي تنتقل عبر القراد والبعوض، وليس فيروس واحد، وهو من الأمراض التي لا يوجد لها علاج نوعي ناجع، حتى الآن”.
وأضاف “حسن”: “في منطقتنا العربية، وفي العراق تحديداً، تمّ تسجيل عدد من الحالات عامي 2018 و 2021، لتعود وتشهد العراق مؤخراً تسجيل عدد من الإصابات والوفيات، وخاصةً في محافظاتها الجنوبية”.
وعن الآلية التي ينتقل بها إلى الإنسان، قال اختصاصي الأمراض الصدرية والجهاز التنفسي: “عن طريق القراد الذي يعيش على جلود الحيوانات المصابة، كما قد ينقله بعض أنواع البعوض من القوارض، ومن شخص لآخر عبر الدم وسوائل الجسم المختلفة”.
وحول الأعراض، كشف أستاذ كلية الطب البشري: “يسبب المرض أعراض عامة مثل الحمى، آلام العضلات، العظام، والصداع.. وبعد عدة أيام يسبب نزف في مناطق متعددة من الجسم، كالجلد (تكدمات ونزوف جلدية)، ملتحمة العين، الأنف، والجهاز الهضمي”.
وتابع “حسن”: “أحياناً يطال النزف الدماغ والجهاز التنفسي، ويسبب المرض ما يعرف بالتخثر المنتشر ضمن الأوعية، وهو حالة متقدمة ومميتة إلى حد كبير”.
وأشار “حسن” إلى أن: “المناطق الأكثر توقعاً بمعدلات الإصابة هي المناطق الريفية، التي تعتمد على تربية المواشي والأغنام، أو بين القصابين وأصحاب المطاعم الذين لا يراعون الطرق الصحيحة في الجزارة وارتداء الملابس الواقية، وعدم العناية بالمسالخ”.
وتابع أستاذ كلية الطب البشري: “إضافةً إلى المناطق التي لا تعتمد الأساليب البيطرية في مكافحة القراد وأمراض الحيوانات عموماً”.
وحول الاضطرابات الدموية الحاصلة، قال “حسن”: “قد نجد نقصاً في كريات الدم البيض والصفيحات الدموية، واضطراباً في جهاز التخثر وارتفاعاً في أنزيمات الكبد (AST-ALT)، واضطراب وظائف الكلى”.
وعن العلاج، أوضح “حسن”: “ليس هناك علاج نوعي ناجع، رغم التراجع العفوي في عدد من الحالات، يجب نقل مكونات الدم عند الحاجة، ورغم ذلك لا تزال نسبة الوفيات تتراوح بين 30% – 60% من الإصابات”.
وعن المخاوف من احتمالية وصول المرض إلى سوريا، قال “حسن”: “المرض كانتشار عالمي يشيع في إفريقيا وأمريكا الجنوبية، إلّا أنه قد يصادف في أي منطقة، حال توفّر شروط ملائمة تحقق حلقة العدوى، مثل ذبح المواشي المصابة والمريضة بطرق وبأيدي مكشوفة ودون رقابة صحية، وخاصةً ضمن بيئات لا تكافح الحشرات الناقلة”.
وحول سبل الوقاية، بيّن “حسن” أهمية: “التخلّص من القراد والبعوض والقوارض، إضافةً إلى اتباع شروط الذبح في أماكن قصابة مرخصة ونظيفة ومراقبة، وعدم السماح بذبح الحيوانات المريضة، والتخلّص منها بالوسائل المناسبة”.
وتابع “حسن”: “من سبل الوقاية أيضاً التعامل بحذر مع الحيوانات ولحومها عبر ارتداء القفازات، ربات البيوت على وجه الخصوص، إضافةً إلى طهي اللحوم جيداً قبل تناولها، وعزل المرضى والحذر والعناية المشددة حال الإصابة”.
يُشار إلى أن الرقابة الصحية والجزارة المرخصة في سوريا، ساهمت بالتقليص إلى حد كبير من انتشار هذه الحالات خلال السنوات الماضية، بحسب الدكتور محمد يوسف حسن.
يُذكر أن الفيروس ينتقل من إنسان لآخر عن طريق الاتصال الجنسي، أو اللعاب ومختلف سوائل الجسم، بحسب اختصاصيين، وتشمل بعض أنواع الحمى النزفية الفيروسية، حمى الضنك، حمى الإيبولا، حمى لاسا، حمى ماربورغ، والحمى الصفراء