فوجئ مدققو حسابات بنكي التسليف الشعبي والتوفير بقرار وقف منح القروض في الوقت الحالي، لا سيما لمقدمي الطلبات الذين تمت مراجعة طلباتهم والذين تجاوزوا المراحل الأولى من إجراءات المنح.
وأعرب البعض عن استيائهم من إهمال البنك لجاهزية طلباتهم وتأجيل المنح حتى تتم دراسة ملفهم مرة أخرى حسب القرار المنتظر، فيما قدم آخرون ملفاتهم للبنك مع ضامنيهم لاستكمال معاملتهم، الأمر الذي أدى إلى ازدحام جديد داخل البنك.
أكدت مصادر مصرفية مطلعة، في حديثها لصحيفة “البعث” المحلية، أن ذلك بسبب قرار سيصدر قريبا وفقا لقرار البنك المركزي، والذي بموجبه تم رفع الحد الأدنى لسعر الفائدة على الودائع إلى 11 بالمئة، بحيث يكون من الضروري إرفاقه إلى قرار برفع أسعار الفائدة المطبقة على الإقراض لتجنب الخسائر المصرفية.
وتركز التوقعات على أسعار الفائدة المرتفعة، إذ قد تصل الفائدة إلى 15 بالمئة، أو ما يعادل 700 ألف ليرة كفائدة على كل مليون ليرة ممنوح، مما يمهد الطريق أمام شطب قروض ذوي الدخل المحدود من قائمة المساعدة الاجتماعية، وتصنيفها على أنها قروض مرهقة تستنزف قدرة هذه المجموعة المحرومة ماليا في المقام الأول.
معاون مدير عام مصرف التسليف الشعبي عدنان حسن أكد لـ”البعث” أن قرار التوقف عن المنح مؤقت وقد لا يتجاوز العشرة أيام، منوهاً بأن استقبال طلبات الإقراض لم يتوقف، بل توقف إعطاء التعهدات للمحاسبين لحين صدور القرار الجديد الذي سيتمّ خلاله دراسة معدلات فائدة جديدة وأعلى حكماً من المعتمدة حالياً.
ويعتقد حسن خلال حديثه للصحيفة، أنه من الطبيعي إصدار قرار لاحق أو مواز لقرار البنك المركزي بتبني معدلات فائدة أعلى من أجل تحقيق التوازن بين التكاليف الجديدة والأرباح في البنوك من أجل تجنب المزيد من الخسائر التي يتعرض لها البنك حاليا نتيجة القروض الممنوحة مسبقا.
وذكر حسن، أن البنك ونتيجة لرفع الفائدة على الودائع بمعدل مرتفع قدره أربع نقاط على الودائع، أي 56 بالمئة، أدى إلى زيادة في التكاليف، مما يعني أن البنك ونتيجة لذلك، يجب تنفيذ آلية التعويض لتحقيق التوازن بين التكاليف المتكبدة والأرباح الناتجة عن الإقراض.
وحول العبء الإضافي الذي يفرضه ارتفاع سعر الفائدة، خاصة على محدودي الدخل، وشطب البنك لهم من قائمة المساعدات الاجتماعية، أوضح حسن أن البنك لا يزال يلعب دوره في هذا المسار، ولكن لأن هذه القروض تمثل 95 بالمئة من محفظته الائتمانية، لا يستطيع تعويض خسائر القروض الأخرى.
وبالتالي يضطر البنك في سوريا إلى رفع أسعار الفائدة على القروض، مع العلم أن البنك يتقاضى فائدة تصل إلى 12 بالمئة.
فيما لم يجب معاون مدير عام مصرف “التسليف الشعبي”، عن السؤال الذي طرحته الصحيفة، هل سيصل سعر الفائدة إلى 700 ألف ليرة، وما جدوى القرض لأصحاب الدخل المحدود.
ولم ينف حسن، في أن هذه المجموعة ستتحمل العبء الأكبر من التكلفة، خاصة وأن قنوات الاستثمار في البنك مقيدة وغير موثوقة، وزيادة تكلفة تمويل الأعمال الصغيرة والمتوسطة يمكن تعويضها عبر منتجاتها، لكن الموظف يتحمل العبء الأكبر من الزيادة.
وحول ذلك، ذكر الخبير الاقتصادي، علي محمد، أنه من بديهيات العمل المصرفي عند رفع سعر الفائدة على الودائع يتم رفع سعر الفائدة على التسهيلات الائتمانية أيضا، فتقوم البنوك برفع سعر الفائدة على التسهيلات الائتمانية والقروض الممنوحة بالتوازي مع زيادة سعر الفائدة على الودائع لتغطية تكاليفها.
وقال محمد، إن الشركات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك أصحاب الدخل المحدود، سوف يتحملون العبء المالي، موضحا أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تواجه بالفعل عددا من التحديات، سواء من حيث الضمانات، أو الخبرة، أو التمويل، وتواجه الآن تحديا جديدًا يتمثل في ارتفاع تكلفة التمويل.
في حال قيام البنوك المذكورة برفع أسعار الفائدة على القروض في سوريا، ستظهر أمامها عقبة تمويلية جديدة، على غرار عقبة الضامنين والدخل الشهري المنخفض بالتوازي مع استمرار اعتماد 40 بالمئة من الدخل، مما يعني ضمنا أن الراتب هو العامل الحاسم في تحديد السقف.
وسيتم تعويض القرض المصرح به من خلال ارتفاع في سعر الفائدة، وانخفاض جديد في سقف القرض، وزيادة في مبلغ الفائدة، مما يجعل القرض أقل جدوى عما كان عليه قبل زيادة سعر الفائدة.
وعلى سبيل المثال، بيَّن محمد أنه “إذا كان القسط المسموح اقتطاعه من راتب الموظف 40 ألفا، بفائدة 12 بالمئة ولمده 5 سنوات، فإن سقف القرض المسموح سيكون 1.798 مليون ليرة، فيما حجم الفائدة سيكون 587.900 ليرة، أما إذا ارتفعت الفائدة بواقع نقطتين فقط إلى 14 بالمئة فإن السقف سيصبح 1.719 ليرة، وحجم الفائدة 663.755 ليرة، أي انخفض السقف بنحو 79 ألفا، بينما ازداد حجم الفوائد بنحو 76 ألفا، وبالتالي الخسارة ستحقق من جيب ذوي الدخل المحدود بشكل مؤكد”.
المصدر: بزنس 2 بزنس